بين منثورات الحياة
الحياة في سعتها و بذخها و بهرجتها تطوّقنا بحدودها و تدعونا لأروقتها
فننكب عليها و نسعى للإحاطة بها رغم شتاتها و بعد محيطها
فما ندري أندركها مع علمنا أننا سنتركها
نمني النفس بطول الأجل و نهرع وراء الأمل و ننكب لأجلها بالعمل
فما نجنيه ينفذ و ما نملكه يزول و نحن في الأصل منها زائلون
و في حقيقتها هي تزول {يوم تبدل الأرض غير الأرض و السماوات و برزوا لله الواحد القهار} سورة إبراهيم
بين منثورات الحياة
سعادة قصيرة حصرية يعقبها أحزان مثقلة بالأسية
نغرق في الغموم و تكتسحنا الهموم و تنهشنا الكلوم
فلا سعادة فيها تدوم و لا الهناء فيها محتوم
بين منثورات الحياة
فقير ساخط مغموم و غني نهم مهموم
فلا الفقير فيها راض و لا الغنى فيها قانع
نسابق فيها الزمن و ما ندري أننا نفني فيه العمر بلا ثمن
انشغل الفكر فيها بالتخطيط فتخبطنا في ظلمة المحيط فأقبلنا عليها بحواسنا و أدبرت عنا لتحوسنا
بين منثورات الحياة
النفوس ضائقة رغم رحابة المكان و الحياة كئيبة رغم رفاهية الزمان
نعمنا بالفراغ فاحتال الإنسان و راغ
اهتممنا بغذاء البدن و طوينا غذاء الروح بالكفن فأصبنا بالأمراض و كابرنا عن الذكر بالإعراض
بين منثورات الحياة
نتحسّر على الخسارة و يصيبنا منها المرارة فنراجع الحسابات و نجهد الأبدان و نشغل الأذهان لتحسين الوضع لأحسن مما كان فنحن فيها نتطلع للمعالي و جهلنا أن الثمن غالي إن الحسرة الحقيقية أن تبيع الثمين بالرخيص
{ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله هي الجنة }
مقارنة
رغم فقر الصحابة و ضيق العيش بهم و ما عانوه من أقوامهم و ما قاسوه من محن و شدائد عاشوا عيشة السعداء و ملكوا الدنيا
و رغم ما نعيش فيه من رفاهية العيش و رخاء الحال في زماننا الحاضر و رغم إقبالنا على الدنيا و ملذاتها نعيش عيشة مهمومة و ضيق و تعاسة فيا ترى ما السبب ؟
نحن في حقيقة الواقع نعلم السبب
إذا فلماذا العجب ؟