-
إن أشدّ ما يعانيه ا لأطفال خلو البيت من الآباء نتيجة وفاة الأب أو زواجه من أخرى وإقامته معها بعيداً عن الأسرة الأولى أو نتيجة المرض، ولكن أشد ما يعانيه الأطفال هجرة الآباء من أجل العمل لفترات طويلة في دول أخرى وأيضاً الآباء الذين يعملون في متاجرهم ومهنهم المختلفة حيث يخرجون من الصباح ويعودون في ساعات متأخرة من المساء، حيث يعودون منهكين من العمل وغير متفرغين لمشاكل أطفالهم ولا يهتمون بهم.
وبذلك يعتمد الأطفال في تربيتهم على أمهاتهم، ولذلك من الواجب على الآباء أن يولوا أطفالهم الرعاية والحنان والحب والعطف، وألا يقتصر اهتمامهم على تأدية الواجبات، فالطفل يشعر بذلك ويميز ويشعر بالسعادة والرضا إذا شعر بأن والده يرعاه ويحبه ويعطف عليه ويبين أهمية هذا الطفل في الأسرة وبمكانته.
إن الآباء الذين يؤدون واجباتهم نحو أطفالهم من مأكل وملبس وأدوات أخرى لا يشعرون بالسعادة وبلذة الحياة مثل الآباء الذين يقدمون الرعاية والعطف والحنان والحب لأطفالهم قبل تأديتهم لواجباتهم، حيث يظنون أن الطفل لا يفكر ولا يشعر بذلك ويظنون أيضاً أن اقامة العلاقة مع الطفل فقط عندما يكبر.
ومن آثار غياب الأب في الأطفال:
1- يؤثر على نمو الطفل وعلى ثقافته وشخصيته.
2- الحرمان من العطف.
3- يؤثر على تشكيل الضمير الأخلاقي لدى الطفل.
4- يؤدي لصراعات نفسية وإلى الاضطراب وانعدام التوازن العاطفي والأمن النفسي.
5- يؤثر على مدى تقبل الطفل لرفاقه من المرحلة العمرية نفسها، ما يقلل من كفاءة الطفل مستقبلاً.
6- يؤثر على مستوى التحصيل الدراسي.
7- يؤثر في النمو النفسي والعقلي حيث يتعرض الطفل الغائب عنه والده للخوف والحرمان والتهديد والاكتئاب.
8- يؤثر في اكتساب الطفل الأدوار الاجتماعية كالذكورة والأنوثة، والتي تعد أساسها عملية تعلم اجتماعي تحقق للمجتمع البقاء والاستمرارية فيكتسب الطفل صفات الذكورة والطفلة صفات الأنوثة.
9- يؤثر في استقلال شخصيات الأطفال وفي اعتمادهم على أنفسهم.
10- يؤدي إلى الاضطرابات السلوكية والجنوح أحياناً.
11- يتألم الأطفال الذين توفي آباؤهم مبكرين إذا تحدث أمامههم وملاؤهم عن آبائهم وكيف يعاملونهم وماذا يحضّرون لهم؟ ولذلك يعملون لمرافقة أصدقائهم من الأيتام، لأنهم مثلهم يفتقدون الحب والرعاية والعطف والحنان.
12- يكون فاقد الأب أكثر إحساساً بالقلق والشعور بالنقص والغيرة وأقل نضجاً ورغبة في التفاعل الاجتماعي مع غيره ويكون أكثر اتكالية.
13- يكون ضعيف الثقة بالنفس وأقل التزاماً بالنظام.
14- يكون قليل الانتباه والتركيز والاستجابة وأقل قدرة على السيطرة على نوبات الغضب التي تنتابه.
- عوامل مخففة:
إن غياب الأب لفترة طويلة أو نهائياً يؤثر على الأبناء ولكن هناك عوامل ايجابية تخفف من الآثار السلبية لغياب الأب وهي:
1- الأم: فالدور الذي تقوم به وتتمالك أعصابها وتحافظ على اتزانها النفسي وتستغل قدراتها الذاتية والخارجية وتقوم بدور الأب والأم معاً. كل هذا يخفف من الآثار السلبية والنفسية لغياب الأب، ولذلك يجب أن تكون الأم على قدر من الكفاءة. وإذا توفي الأب قبل أن يشاهده ابنه فسيقوم بصنع صورة خيالية عن والده حيث يتصور والده كيف كان، وذلك بتكوين صور عما تقوله له أمه عن والده كيف كان شكل والده، وصفاته ورجولته، ولذلك يضيف الطفل بعض الميزات الإيجابية عما تقوله له أمه عن والده في بعض الأحيان نتيجة كثرة خياله ويبدأ الطفل بتقليد والده ما بين (3 – 6) سنوات. والمهم في الأمر أن تظل علاقة الأم بطفلها عادية ولا تتمثل له بدوري الأب والأم معاً ولا مانع من أن تقوم بدور الأب ولكن باعتدال ولا تنسى دورها.
2- الأب البديل: إن ربط الطفل بأب بديل من الكبار، من خلال مؤسسات كفرق الكشافة ودور العبادة ودور الرعاية والمدارس، وأيضاً من خلال الإخوة الكبار للطفل أو الأعمام أو الأخوال أو الأقرباء، كل هذا يعمل على تخفيف معاناة الأطفال فاقدي الأب.
والخلاصة أن غياب الأب عن الأسرة سواء بالوفاة أو بالهجر أو لظروف العمل المختلفة أو للزواج من أخرى أو للطلاق أو نتيجة المرض، له أثر سلبي على حياة الأطفال، حيث يؤثر على نموهم العقلي والانفعالي والاجتماعي والجسمي والنفسي، وعلى ثقافتهم وتفاعلهم مع الآخرين، وعلى مستوى تحصيلهم الدراسي. ومن الواجب على الأم أن تهتم بأطفالها وأن تنقل لهم صوراً طيبة عن والدهم، حتى ولو كان قد جرى بينهما خلافات ومشكلات في السابق.